أصول شعوب الدول العربية بحسب علم الوراثة – الجزء الثاني

هذه مجموعة مقالات وضعتها في صفحتي على الفيسبوك أحببت أن أشاركها هنا أيضاً.

الجزء الثاني يتضمن خمسة مقالات أخرى تتحدث عن المورثات الأقل انتشاراً في العالم العربي والتي تميز شريحة معينة من شعوبه وطوائفه وأقلياته وهذه المورثات هي:

المورثة (تي) T: (وقد تمثل هذه المورثة حضارات بلاد الشام، وخاصة الكنعانيين)

المورثة (جي) G: (المنتشرة لدى الطائفة الدرزية)

المورثة (آي) I: (المنتشرة لدى الشعب اليهودي)

المورثة (إل) L: (المنتشرة لدى سكان مدينة الرقة السورية، والتي قد تمثل حضارات محلية قديمة كحضارة ماري أو ايبلا)


المقالة الخامسة:

هل ما زال الكنعانيون يعيشون بيننا؟

تحتل المورثة (تي) المرتبة الخامسة من حيث الانتشار في العالم العربي (بعد المورثة العربية ومورثة حضارات الهلال الخصيب ومورثة الفراعنة وشعوب الأمازيغ والمورثة الأوروبية). ويمتاز حاملو هذه المورثة بأنهم أول من استوطنوا الأرض ولجأوا إلى الزراعة كمصدر للرزق، وحدث ذلك في أراضي بلاد الشام حيث أقدم المستوطنات البشرية في العالم.

يعتقد أن أصل هذه المورثة يعود إلى انسان عاش في السهول الإيرانية قبل حوالي عشرين ألف سنة، ومنها هاجر أحفاده إلى الهلال الخصيب وبلاد الشام. لكن أقدم عينة لها اكتشفت في جنوب بلاد الشام (منطقة نبع الغزال في الأردن)، وهي تعود إلى بشر عاشوا قبل عشرة آلاف سنة ومن ثم قاموا ببناء الحضارة النطوفية التي انتشرت في القسم الجنوبي الغربي من بلاد الشام في ذلك الوقت. وهذه الشعوب هي أول من بنى المستوطنات البشرية، حتى قبل أن يلجؤون إلى الزراعة بعدة آلاف سنة.

ويعتقد أن اكتشاف الزراعة فتح الباب أمام هجرة واسعة لهذا الانسان والتي شملت كل بقاع الأرض. فحاملو هذه المورثة موجودون في أغلب بلدان العالم. وأوسع انتشار لهم هو في القرن الأفريقي ويعتقد أنهم هاجروا إليه عبر سيناء ومن ثم مصر ونهر النيل أو أنهم هاجروا مع حاملي المورثة العربية إلى شبه الجزيرة العربية ومنها وعبر البحر الأحمر إلى القرن الأفريقي. وتكاد تبلغ نسبة أكثر من 50% في بعض القبائل الصومالية والدجيبوتية.

أعلى نسبة لحاملي هذه المورثة في العالم العربي هي في بلاد الشام وما جاورها. وإليكم النسب:

  1. فلسطين 7%
  2. مصر 6%
  3. سوريا 5%
  4. لبنان 5%
  5. السعودية 5%
  6. الإمارات 5%
  7. العراق 4%
  8. الأردن 1%

وتكاد تختفي تماماً في الدول العربية البعيدة عن بلاد الشام حيث تبلغ 0% في اليمن والمغرب والجزائر وجنوب العراق وفقط نسبة 1% في تونس.

ما يلي هو اجتهاد شخصي قابل للنقاش والدحض:

لا يمكن الجزم بشكل مطلق أن حاملي هذه المورثة هم أحفاد الكنعانيين. لكن دراسة تاريخ بلاد الشام قد يلقي الضوء على بعض الحقائق التي قد تساعد على إقامة الصلة بين الاثنين.

وراثياً، من الصعب الفصل بشكل كامل بين الهجرات الطبيعية إلى بلاد الشام وبين الغزوات والاحتلالات التي مرت بهذه البلاد. مثلاً، المورثة العربية قد جاءت إلى بلاد الشام على شكل هجرة طبيعية قبل آلاف السنين ومن ثم رحل بعض حاملي هذه المورثة إلى شبه الجزيرة العربية وعادوا إليها على شكل غزوات. وكذلك الحال بالنسبة لمورثة حضارات الهلال الخصيب والمورثات الأفريقية والأوروبية.

لكن المورثة (تي) تختلف عن سابقاتها بأنها تعود إلى هجرات طبيعية بحتة وأن انسانها بنى حضاراته في بلاد الشام بشكل مستقل عن أي غزوات أجنبية. أول حضارة مستوطنة كانت الحضارة النطوفية في غرب بلاد الشام قبل عشرة آلاف سنة. كما نشأت فيما بعد حضارات شامية بحتة في غياب الاحتلالات الأجنبية، سواء من قبل الفراعنة أو الآشوريين أو الأوروبيين، مثل حضارات إبلا والكنعانيين والآراميين وغيرهم.

كما أن اكتشاف الزراعة جعل الانسان يستوطن في أمكنة ثابتة لا يحيد عنها، مما يسر الأمر لتكاثر مورثاته في تلك الأمكنة. لكن بالطبع هذا لن يمنع التنافس بين هذه المورثات (المحلية) والمورثات الأخرى (الأجنبية) على الانتشار والسيطرة، وقد يؤدي الأمر إلى تلاشي بعض المورثات إلى حد كبير. وهذا ما حدث للمورثة (تي) التي انخفضت بشكل كبير أمام المورثات الأخرى.

والسؤال الهام هو: هل هذه المورثة هي مورثة حضارات بلاد الشام المحلية، كالكنعانيين والآراميين والايبلاويين والنطوفيين وغيرهم؟


المقالة السادسة:

المختصر المفيد في أصول شعوب الدول العربية:

لقد تحدثت سابقاً عن المورثات الخمس الأكثر انتشاراً في العالم العربي وهي المورثة العربية ومورثة حضارات الهلال الخصيب والمورثتين الأفريقية والأوروبية وأخيرا مورثة حضارات بلاد الشام.

إلى جانب هذه المورثات، هناك حوالي خمسة عشرة مورثة أخرى، مع بعض تفرعاتها، وهي قليلة الانتشار في العالم العربي. وتكاد لا تتجاوز نسبة كل واحدة منها أكثر من 5% في بلد واحد أو في عدد قليل من البلدان.  

وأصول هذه المورثات مختلفة المنشأ، فمنها ما نشأ في وسط أسيا أو جبال القوقاز ومنها ما جاء من أفريقيا أو أوروبا أو غيرها. وانتشار هذا الكم الكبير من المورثات أمر طبيعي في البلاد العربية، فهي مركز تلاقي الحضارات عبر التاريخ، حيث تنافست مختلف الامبراطوريات للسيطرة عليها. كما أن حقيقة أن الأديان السماوية الثلاثة قد نشأت في الشرق الأوسط جعلت هذه المنطقة مأوى للكثير من الحجاج الذين أتوا من كل البلاد للمكوث فيها.

ومن الملاحظ أن التنوع في هذه المورثات يزداد كلما اتجه المرء من مركز الشرق الأوسط إلى المناطق البعيدة من العالم العربي. ففي حال يوجد حاملي أغلب هذه المورثات في بلاد الشام والعراق ومصر، يبدأ عدد المورثات بالانخفاض تدريجياً حتى يصل الأمر إلى وجود عدد قليل من حاملي هذه المورثات في بلاد اليمن أو المغرب العربي. وقد يكون هذا الأمر ناجم عن أن بلاد الشام والعراق ومصر، تاريخياً، عانوا من الغزو الخارجي وهجرات الشعوب أكثر بكثير من جنوب شبه الجزيرة العربية والمغرب العربي.

وفي الختام، أحب أن أوضح بأن هذه المقالات هي للبحث في الأصل الوراثي لشعوب الدول العربية ولا يتعلق الأمر بثقافة هذه الشعوب أو بسياساتها. وضمن هذا الإطار بالإمكان أن نقسم العالم العربي إلى أربعة أجزاء بحسب نسبة المورثات في كل جزء.

  1. المناطق الشرقية والجنوبية من شبه الجزيرة العربية وهي التي تتميز بسطوة كبيرة للمورثة العربية مع انتشار بسيط للمورثة الأفريقية ومورثة حضارات الهلال الخصيب. وتكاد تختفي المورثة الأوروبية ومورثة حضارات بلاد الشام وأغلب المورثات الأخرى.
  2. العراق وبلاد الشام والمناطق الشمالية الغربية من شبه الجزيرة العربية وهي تتميز بأكبر خليط من المورثات وتتنافس عليها المورثة العربية ومورثة حضارات الهلال الخصيب والمورثة الأفريقية مع بعض التفوق البسيط للمورثة العربية على الأخريات. وفي هذا الجزء نجد نسبة لا بأس بها من المورثة الأوروبية ومورثة حضارات بلاد الشام. وفيه أيضاً تنتشر المورثات الأخرى وإن كان بنسب أقل.
  3. مصر، وهي كبلاد الشام والعراق، تتميز بتنوع كبير بالمورثات. لكن النسبة الأغلب هي للمورثة الأفريقية (أحفاد الفراعنة) وبفارق كبير عن المورثة العربية التي تحتل المرتبة الثانية. بينما تأتي المورثات الثلاثة الأخرى، المورثة الأوروبية ومورثة حضارات الهلال الخصيب ومورثة حضارات بلاد الشام، في المركز الثالث بالتساوي. ثم تأتي المورثات الأخرى بنسب أقل.
  4. بلاد المغرب العربي وهي التي تسود فيها المورثة الأفريقية (أحفاد شعوب الأمازيغ) وبشكل كبير يشبه سطوة المورثة العربية في جنوب الجزيرة العربية. وتأتي المورثة العربية هنا في المرتبة الثانية وبفارق كبير ثم يتبعها المورثة الأوروبية ومورثة حضارات الهلال الخصيب. وتكاد تختفي مورثة حضارات بلاد الشام ومعظم المورثات الأخرى أيضاً.

المقالة السابعة

 أصول الأقليات الدرزية والكردية والآشورية:

الطائفة الدرزية:

تحدثت في مقالاتي السابقة عن وجود خمس مورثات واسعة الانتشار في العالم العربي والمرتبطة بحضارات طاغية سيطرت على العالم العربي في فترة معينة من التاريخ. لكن هناك العشرات من المورثات الأخرى والموجودة بنسب ضئيلة هنا وهناك، وهي تعكس التنوع العرقي الكبير في المجتمعات العربية. لكن هذه المورثات لم تثبت علاقتها بأي حضارة تاريخية معروفة. وبعض هذه المورثات منتشر وسط شريحة معينة من الشعب بشكل يفوق أي من المورثات الخمسة المسيطرة. وربما أكبر مثال على ذلك هو المورثة (جي) الموجودة لدى الطائفة الدرزية.

يشكل حاملو المورثة (جي) حوالي 12% من نسبة الدروز وهي أكثر انتشاراً من مورثة حضارات بلاد الشام (تي) التي تشكل 9% فقط. قد يكون ذلك لسببين: الأول هو أن أسلاف هذه الطائفة هاجروا حديثاً (نسبياً) إلى بلاد الشام. والثاني هو أنهم عاشوا في المناطق الجبلية المعزولة ولم يتزاوجوا كثيراً مع الناس المحليين.

والمورثة (جي) منتشرة في معظم أرجاء الكون ولكن بنسب ضئيلة. ويعتقد أن أصلها يقع في جبال القوقاز وهضبة الأناضول. وأعلى نسبة لهذه المورثة موجودة في منطقة أوسيتيا من جبال القوقاز وتبلغ 56%.

أما في البلاد العربية، فأعلى نسبة لها هي في لبنان وتبلغ 7% وهذا ليس مستغرباً لأن نسبة هامة من سكانه يتبعون الطائفة الدرزية.

وها هي النسب في الدول العربية:

  1. لبنان 7%
  2. مصر 6%
  3. الأردن 4%
  4. الإمارات 4%
  5. سوريا 3%
  6. فلسطين 3%
  7. السعودية 3%
  8. العراق 2.5%
  9. اليمن 1.5%

ونسبتها أقل من 1% في بقية الدول العربية الأفريقية.

لكن رغم هذا، لا تتفوق أي من هاتين المورثتين (جي) أو (تي) على المورثات الأربع السائدة في العالم العربي. ونسب هذه المورثات لدى الطائفة الدرزية هي على الشكل التالي:

  1. المورثة الأفريقية 19%
  2. المورثة العربية 17%
  3. مورثة حضارات الهلال الخصيب 17%
  4. المورثة الأوروبية 16%
  5. المورثة (جي) 12%
  6. مورثة حضارات بلاد الشام 9%

الأكراد:

يلاحظ أن التنوع العرقي (الوراثي) للأكراد لا يختلف كثيراً عن التنوع في الدول التي يعيشون فيها، حيث يلاحظ بروز دور هام للمورثة الأوروبية. كما يلاحظ انخفاض ملحوظ لنسبة المورثة العربية.

وكان هناك اختلاف بسيط في النسب بين دراستين، الأولى شملت الأكراد الإيرانيين والأخرى شملت الأكراد العراقيين، وخاصة فيما يتعلق بنسبة المورثتين العربية والأفريقية حيث زادت الأولى في العراق وزادت الثانية في إيران. لكن ظلت المورثة الأوروبية ومورثة حضارات الهلال الخصيب هما المسيطرتين في البلدين.

الأكراد الايرانيون:

  1. المورثة الأوروبية 27%
  2. مورثة حضارات الهلال الخصيب 24%
  3. المورثة الأفريقية 21%
  4. مورثة حضارات بلاد الشام 9%
  5. المورثة العربية 5%

الأكراد العراقيون:

  1. مورثات حضارات الهلال الخصيب 24%
  2. المورثة الأوروبية 22%
  3. المورثة الأفريقية 13%
  4. المورثة العربية 12%
  5. مورثة حضارات بلاد الشام 6%

الآشوريين:

أما بين الآشوريين، فقط ظهرت سطوة كبيرة للمورثة الأوروبية لا مثيل لها في أي دولة عربية أو شريحة اجتماعية أخرى. بينما كادت تختفي المورثة الأفريقية.

وأيضاً، كان هناك اختلاف بسيط بين الآشوريين الإيرانيين والعراقيين، خاصة فيما يتعلق بالمورثتين العربية ومورثة حضارات بلاد الشام.

الآشوريين الإيرانيين:

  1. المورثة الأوروبية 41%
  2. المورثة العربية 18%
  3. مورثة حضارات الهلال الخصيب 16%
  4. مورثة حضارات بلاد الشام 10%

واختفت تماماً المورثة الأفريقية

الآشوريون العراقيون:

  1. المورثة الأوروبية 41%
  2. مورثة حضارات الهلال الخصيب 23%
  3. مورثة حضارات بلاد الشام 18%
  4. المورثة العربية 12%
  5. المورثة الأفريقية 2%

المقالة الثامنة:

اليهود وما يجمعهم مع العرب:

هناك فروق بسيطة بين اليهود الشرقيين (السافارديك) ذوي الأصول شرق الأوسطية وشمال الأفريقية وبين اليهود الغربيين (الأشكينازي) ذوي الأصول الأوروبية. لكن كما في معظم الدول العربية، سيطرت المورثات الأربع الأكثر انتشاراً مع تفوق بسيط للمورثة الأوروبية على المورثات الأخرى (الأفريقية والعربية ومورثة حضارات الهلال الخصيب).

ويلاحظ غياب مورثة حضارات بلاد الشام بشكل شبه كامل لدى الشعب اليهودي وبروز مورثتين أخريين وهما المورثة (آي) وإلى حد ما المورثة (جي). وكنت قد تحدثت سابقاً عن المورثة (جي) المنحدرة من جبال القوقاز والمنتشرة لدى الطائفة الدرزية وهي تشكل نسبة 4% عند اليهود الغربيين ونسبة 8% لدى اليهود الشرقيين.

أما المورثة (آي) فهي أوسع انتشاراً من المورثة (جي) بين اليهود حيث تبلغ نسبة 6% لدى الغربيين ونسبة 12% لدى الشرقيين. وهذه المورثة تنحدر من جبال القوقاز أيضاً وأكثر انتشار لها اليوم هو في جنوب أوروبا وإسكندنافيا وأعلى نسبة موجودة في بعض المناطق في البوسنة حيث تصل إلى أكثر من 65%. 

أما انتشارها في الدول العربية فهو حصري في أربع دول فقط وهي سوريا ولبنان (5%) والعراق (4%) والأردن (3.5%) بينما تختفي بشكل شبه تام في معظم الدول العربية الأخرى.

نسبة المورثات لدى اليهود هي على الشكل التالي:

اليهود الأشكينازي:

  1. المورثة الأوروبية 24%
  2. مورثة حضارات الهلال الخصيب 24%
  3. المورثة الأفريقية 23%
  4. المورثة العربية 19%
  5. المورثة (آي) 6%
  6. المورثة (جي) 4%

اليهود السافارديك:

  1. المورثة الأوروبية 33%
  2. المورثة الأفريقية 19%
  3. مورثة حضارات الهلال الخصيب 15%
  4. المورثة العربية 13%
  5. المورثة (آي) 12%
  6. المورثة (جي) 8%

وفي دراسة صغيرة لليهود من أصل كردي، تبين أن نسبة المورثة (جي) تبلغ 19% وهي ثالث مورثة من حيث الانتشار بينهم بعد المورثة العربية (22%) والمورثة الأوروبية (20).

لكن أغرب ما توصلت إليه الدراسات هو أن نسبة المورثة العربية بين اليهود ذوي الأصول التونسية قد بلغت 100%. هل هذا يعني أن جميع اليهود التونسيين هم من أصول عربية بحتة؟ يجب الأخذ بعين الاعتبار بأن هذه الدراسات صغيرة من حيث العينات المدروسة وقد تختلف النتيجة إذا ما شملت أعداداً أكبر من الشعب.

لكن حتى اليوم يمكن أن نقول بأن هذه الشريحة الاجتماعية (اليهود التونسيين) هي الوحيدة التي تحمل صفاءً عرقياً، فهي تفوق حتى نسبة المورثات العربية في منطقة كوباشي من داغستان التي تبلغ نسبة 99%.


المقالة التاسعة:

الموزاييك الشامي وعامل الجغرافية ولغز مدينة الرقة السورية:

منذ بدء التاريخ وبلاد الشام تتعرض للغزو الخارجي في معظم مراحلها التاريخية. في البدء كان الفراعنة يتنافسون عليها مع الآشوريين والحتيين والبابليين. ثم دخلت الحضارات الأوروبية (الرومانية والإغريقية والبيزنطية) وأخذت تتصارع مع الفرس ومن ثم دخل العرب المسلمون وتبعهم الصليبيون الأوروبيون ومن ثم المصريون الجدد والأتراك العثمانيون.

وإلى جانب كل هذه الغزوات والاحتلالات، كانت هناك حضارات محلية مثل الحضارة النطوفية (أقدم مستوطنة للإنسان في بلاد الشام) والايبلاوية والكنعانية والفينيقية وغيرها.

خلق مرور كل هذه الشعوب على بلاد الشام موزاييكاً نادراً للنسيج الاجتماعي فيها الذي تجلى من خلال تنوع المورثات فيها. لكن ضمن هذا التنوع كان هناك شيء من الاختلاف في كثافة كل مورثة في المناطق المختلفة من بلاد الشام.

في إحدى الدراسات، قسم الباحثون بلاد الشام إلى ثلاث مناطق من الشرق إلى الغرب.

  1. القسم الشرقي ويضم منطقة الجزيرة والبادية وتشمل دير الزور والرقة والحسكة والميادين.
  2. القسم الغربي ويضم المناطق الساحلية من سوريا ولبنان وفلسطين وتشمل المدن الساحلية من اللاذقية في أقصى الشمال إلى مدينة عكا في أقصى الجنوب مروراً بطرابلس وبيروت وصيدا.
  3. القسم الأوسط ويضم المدن السورية الأخرى (حلب وإدلب وحماه وحمص ودمشق والقنيطرة ودرعا والسويداء) مع منطقة الداخل اللبناني الذي يشمل البقاع والنبطية

ونلاحظ في هذه الدراسة بأن نسبة المورثات العربية انخفضت تدريجياً كلما اتجهنا من الشرق إلى الغرب حيث بلغت 48% في الشرق و29% في الوسط و20% في الغرب.

وعلى العكس من ذلك، زادت مورثة حضارات الهلال الخصيب كلما اتجهنا من الشرق إلى الغرب حيث بلغت 3% في الشرق و27% في الوسط والغرب معاً.

وكذلك الأمر بالنسبة إلى المورثتين الأفريقية والأوروبية:

زادت المورثة الأفريقية من 4% في الشرق إلى 14% في الوسط و17% في الغرب. بينما زادت المورثة الأوروبية من 5% في الشرق إلى 10% في الوسط والغرب.

أما مورثة حضارات بلاد الشام فقد غابت عن القسم الشرقي تماماً. بينما شكلت حوالي 4% من القسم الساحلي وفقط 2% في القسم الأوسط.

لكن أكثر ما أثار الاستغراب هو تفوق مورثة نادرة في العالم العربي وهي المورثة (إل) في القسم الشرقي لبلاد الشام على حساب جميع المورثات الأخرى ما عدا العربية. وشكلت المورثة (إل) نسبة 31% وهو رقم غير عادي بين المورثات النادرة. والأغرب من هذا هو أن أكثر من نصف الأشخاص (51%) الذين جاؤوا من مدينة الرقة السورية حملوا هذه المورثة التي طغت حتى على المورثة العربية بينهم. بينما بلغت نسبتها في وسط وغرب بلاد الشام 5% فقط.

فما هي هذه المورثة؟

المورثة (إل) هي شقيقة مورثة حضارات بلاد الشام (تي) وهما تنحدران من المورثة (كيه) وكلا المورثتين (إل) و(تي) تمثلان أول انسان يلجأ إلى الزراعة في بلاد الشام. ووجدت مستحاثات تحمل هذه المورثة (إل) في منطقة الرقة تعود إلى أكثر من ثمانية آلاف سنة وكذلك الأمر في مستحاثات اكتشفت بالقرب من مدينة دمشق وتعود إلى نفس الحقبة الزمنية.

ويعتقد أن هذه المورثة نشأت في منطقة آسيا الصغرى ومنها انتشرت في كل أنحاء العالم وخاصة شبه القارة الهندية. وأعلى انتشار لها هو بين بعض القبائل الأثنية في تركيا (الأفشار 57%) وإيران (البارسي 55%) وثم تأتي مدينة الرقة في المرتبة الثالثة عالمياُ من حيث كثافة هذه المورثة.

أما بين الدول العربية فأعلى انتشار لها هو في سورية. وها هي النسب في العالم العربي:

  1. سوريا 10% (51% في مدينة الرقة وحدها)
  2. لبنان 5%
  3. السعودية 4%
  4. الإمارات 3%
  5. العراق 3%
  6. قطر 3%
  7. عمان 1%
  8. مصر 1%

وتختفي تماماً من باقي الدول العربية في شمال أفريقية.

رأي شخصي قابل للنقاش والدحض: أعتقد أن المورثة (إل) تمثل حضارات بلاد الشام القديمة التي انتعشت في شمال سوريا (مثل مملكة ماري أو إيبلا) لأن هذه المورثة هي شقيقة المورثة (تي) التي انتشرت في مناطق الكنعانيين في جنوب سوريا


مصادر هذه المعلومات هي دراسات موضوعة على الانترنت. ومعظم هذه الدراسات قامت على عينات صغيرة من الشعوب. ويجب الأخذ بالاعتبار بأن هذه المعلومات غير ثابتة وقد تتغير مع الزمن إذا ما تمت دراسات حديثة على عينات أكبر. هذا العلم في تطور دائم.

إليكم مصادر معلومات هذه المقالات:

1- https://www.eupedia.com/europe/european_y-dna_haplogroups.shtml?fbclid=IwAR314J90r-oT5QEUvavG07yV_YbKZMNV1Uju89n57pRVKY-_MS_HX-Xvkc4

2- https://en.wikipedia.org/wiki/Y-DNA_haplogroups_in_populations_of_the_Near_East

3- https://www.eupedia.com/europe/Haplogroup_T_Y-DNA.shtml?fbclid=IwAR2DWFgoT3AyA8pqT6XLu8U5uWb5jsVLbR3HHlBN8h9GsYKoxqhXLMRNLPE#history

4- https://en.wikipedia.org/wiki/Haplogroup_T-M184?fbclid=IwAR314J90r-oT5QEUvavG07yV_YbKZMNV1Uju89n57pRVKY-_MS_HX-Xvkc4

5- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5111078/?fbclid=IwAR17t13DdF1MTDogfB2fzIZ8B0Hj1rl7BSL-YMfJPJ5R7DiWtnxU6rKlP_U

6- https://www.eupedia.com/europe/Haplogroup_G2a_Y-DNA.shtml?fbclid=IwAR0_XTorNDhz1wa-XMp4cA4e8K3DOMegqWAux–QZ5tJ_H7m_PbxbP3Ez-Y

7- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC1274378/?fbclid=IwAR0eWEw81JpUTS2Kcy27qnR-IRd6AM55XHmN_tnrbwq4uyEqMAEXMZY8AMw

8- https://www.eupedia.com/europe/Haplogroup_I_mtDNA.shtml?fbclid=IwAR3ofStG_a_azhhDMTjTdNbAduYesfTtAHKxmREPu8eXYtajc7OIDo6BuMY

9- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3312577/?fbclid=IwAR3bSfbA4Gd1M1fIDnjbjlwdq95wSBBpvJRqDeQiVSw0IWtjEYlUXE2Pbm4

10- https://www.eupedia.com/europe/Haplogroup_K_mtDNA.shtml?fbclid=IwAR2Z1WcZgUQ3zn9x6Ks4sh7OAQKW4bRhv2GyuKCXiaB5kYmGGYvCLIq81_U

11- https://en.wikipedia.org/wiki/Haplogroup_L-M20?fbclid=IwAR3bSfbA4Gd1M1fIDnjbjlwdq95wSBBpvJRqDeQiVSw0IWtjEYlUXE2Pbm4

أصول شعوب الدول العربية بحسب علم الوراثة – الجزء الأول

هذه مجموعة مقالات وضعتها في صفحتي على الفيسبوك أحببت أن أشاركها هنا أيضاً.

الجزء الأول يتضمن أربعة مقالات تتحدث عن المورثات الأربع الأكثر انتشاراً في البلاد العربية وهي:

1 – المورثة العربية (جيه – وان) J1

2 – مورثة حضارات الهلال الخصيب (جيه – تو) J2

3 – المورثة الأفريقية أو مورثة الفراعنة وشعوب الأمازيغ (إي) E

4 – المورثة الأوروبية (آر) R


المقالة الأولى:

العرب أقليات في أغلب الدول العربية وأصولهم داغستانية:

في عام 2003، انتهى العلماء من رسم خارطة كاملة للمورثات (دي-إن-ايه) لدى الانسان. وشكل هذا الحدث نقطة هامة في تاريخ البشرية، لا يختلف في أهميته عن اكتشاف النار أو اكتشاف الانترنت أو غيرها من الاكتشافات العظيمة التي كانت نقاط تحول هائلة في تاريخ الانسان على وجه الأرض. وانتقل علم الوراثة إلى مرحلة جديدة ساهم من خلالها في إيجاد أجوبة عديدة للمشاكل الصحية العالقة ووضع طرق علاجية طبية حديثة لأمراض مزمنة لم يكن يُعرف علاجاُ لها سابقاً.

ومن الثورات التي أحدثها هذا العلم، هو كشف المورثات المسؤولة عن أصول الشعوب. ومن خلال دراسة هذه المورثات، أقام العلماء الصلات بين الشعوب الحالية التي تعيش في مناطق مختلفة من العالم. كما قارن بين المورثات الحالية وبين المورثات المأخوذة من المستحاثات البشرية القديمة ووصل إلى رسم خريطة لهجرات الشعوب المختلفة عبر آلاف السنين. ومن بين هذه المورثات، اكتشفوا مورثة خاصة بالشعوب العربية وسموها (جيه-وان).

نشأ الانسان الذي يحمل هذه المورثة في مناطق سلسلة جبال الأناضول الشرقية. وقد تم اكتشاف أقدم مورثة له في أحد كهوف جمهورية جورجيا ويعود تاريخها إلى العصر الحجري القديم العلوي (قبل أكثر من 12 آلف سنة). وهذا الانسان هو أول من رعى الغنم والماعز في التاريخ، وكان ذلك في سلاسل جبال طوروس وزغاروس قبل أكثر من عشرة آلاف سنة.

هاجر أحفاد هذا الانسان عبر العصر الحجري الحديث (قبل أكثر من ستة آلاف سنة) إلى مناطق مختلفة من العالم كأوروبا وجبال القوقاز ومناطق الهلال الخصيب وبلاد الشام، حتى أنه وصل أحد أحفاده إلى اليمن بعد أن عبر الصحراء من غير أن يعيش فيها، وعبر البحر الأحمر إلى السودان والقرن الأفريقي. وخلال العصر البرونزي (قبل حوالي خمسة آلاف سنة)، هاجر أحفاد الانسان الذي عاش في القسم الجنوبي من بلاد الشام (الأردن وفلسطين) إلى شبه الجزيرة العربية حيث عاش في الصحراء وقام بتربية الجمال.

أعلى انتشار للمورثة العربية (جيه-وان) هو في المناطق الشمالية الشرقية من شبه الجزيرة العربية وفي اليمن. ويبلغ نسبتها بين الشعوب العربية كالتالي:

جنوب العراق 81%

اليمن 73%

البدو 66%

قطر 58%

وكلما ابتعدنا عن هذه المناطق، تبدأ النسب بالانخفاض تدريجياُ بحسب قرب المكان أو بعده. فالنسب تبدو متوسطة في هذه البلدان:

وسط العراق 43%

السعودية 40%

فلسطين 39%

عُمان 38%

الإمارات 35%

الأردن 31%

سوريا 30%

وأخيراً نصل إلى البلدان العربية البعيدة فتصبح النسب قليلة:

الجزائر 22%

مصر 21%

لبنان 20%

تونس 17%

المغرب 7%

وفي بعض الأحيان تختلف النسب في داخل البلد الواحد. فنجد أن العرب يكثرون في منطقة معينة أو في مدينة معينة. إليكم بعض الأمثلة:

مدينة الخرطوم السودانية 75%

مدينة بنغازي الليبية 40%

مدينة تونس 35%

الصحراء الغربية المصرية 31%

مدينة الرباط المغربية 21%

لكن أكثر ما يثير الاستغراب هو أنه أعلى نسبة للمورثة العربية موجودة لدى شعب يعيش في المناطق الجبلية من جمهورية داغستان الروسية ويسمى Dargins، وأعلى نسبة هناك هي في منطقة Kubachi، حيث تبلغ حوالي 99%

هل هذا يعني أن أصل الشعوب العربية هو في تلك المنطقة التي حافظت على نقاء عرقها منذ آلاف السنين؟

يبدو أن داغستان تمتلك حق الانتماء إلى الجامعة العربية أكثر من أي دولة عربية أخرى.

ملاحظة: هذه الأرقام هي من دراسات صغيرة وقد تختلف النسب بعض الشيء إذا ما أجريت دراسات أخرى تشمل عدد كبير من البشر.  


المقالة الثانية:

العرب ليسوا وحيدين في العالم العربي:

تحدثت في مقالتي الأخيرة عن المورثة العربية التي تشكل الأغلبية (أكثر من 50%) بين المورثات في شبه الجزيرة العربية. لكن هذه المورثة تصبح أقلية (أقل من 50%) في بقية الدول العربية. وإذا نظرنا إلى الدول العربية الآسيوية الأخرى لوجدنا مورثة أخرى تنافس المورثة العربية، أطلق عليها العلماء اسم (جيه – تو)، وهي مورثة أحفاد حضارات الهلال الخصيب من أمثال الآشوريين والبابليين والحثيين والحوريين وغيرهم، بالإضافة إلى الحضارات البحرية كالفينيقيين والقرطاجيين. وعلى عكس المورثة العربية، يندر وجود هذه المورثة في شبه الجزيرة العربية.

يعتقد أن أصل هذه المورثة هو الهلال الخصيب وجبال القوقاز، وأقدم المستحاثات التي تحمل هذه المورثة وجدت في منطقتين: واحدة في جهورية جورجيا والأخرى في المنطقة الشمالية من إيران المتاخمة لبحر قزوين، ويعود تاريخهما إلى ما قبل أكثر من عشر آلاف سنة. وكأسلاف العرب، قام انسان هذه المورثة بتربية الماعز والأغنام، وانتشر أحفاده في سائر الأرض حيث هاجر إلى وسط وجنوب آسيا وإلى روسيا وأوروبا. ومن خلال أسفاره البحرية (عن طريق الفينيقيين)، انتشر إلى جزر البحر المتوسط وجنوب أوروبا وشمال أفريقيا. واشتهر حاملو هذه المورثة بعبادة الثور (أو العجل).

أعلى نسبة لهذه المورثة في الدول العربية موجودة في لبنان حيث تبلغ 28% وهي المورثة الأكثر انتشاراً في لبنان حيث تأتي المورثة العربية في المركز الثاني بنسبة 20%. أما باقي الدول العربية الآسيوية، فرغم انتشار هذه المورثة فيها، فهي لا تتفوق على نسبة المورثة العربية، فهي تحتل إما المركز الثاني أو الثالث من حيث الانتشار.

نسبة هذه المورثة في الدول العربية الواقعة في الهلال الخصيب:

لبنان 28%

العراق 22% (تصبح حوالي 28% في الشمال و4% في الجنوب)

سوريا 19%

فلسطين 18%

الأردن 14%

وتنخفض النسب بشكل واضح في شبه الجزيرة العربية:

السعودية 15%

الإمارات 11%

اليمن 10%

عُمان 10%

قطر 9%

أما في دول شمال أفريقيا فالنسب تصبح ضئيلة:

مصر 9%

تونس 6%

الجزائر 4%

المغرب 4%

أما خارج العالم العربي، فليس مستغرباً أن تكون هذه المورثة هي الأعلى انتشاراً في إيران (23%) وفي كردستان (24%) وفي تركيا (24%). لكن كما هو الحال في المورثة العربية فإن أعلى انتشار لهذه المورثة في العالم هو في منطقة جبال القوقاز وبالأخص بين شعوب ال Ingush الذين يعيشون في جمهورية إنغوشيتيا الروسية حيث تبلغ النسبة هناك 88%.

الغريب أن كلا المورثتين، المورثة العربية (جيه – وان) ومورثة حضارات الهلال الخصيب (جيه – تو) لهما نفس الأصل وهو المورثة (جيه) وكلا المورثتين ينتشران بكثافة هائلة لدى شعبين من شعوب جبال القوقاز. المورثة الأولى تبلغ نسبة 99% لدى شعب Dargin في داغستان والثانية تبلغ نسبة 88% لدى شعب ال Ingush في إنغوشيتا.

هل هذا يعني أن أصل كل شعوب كل حضارات الشرق الأوسط هو في جبال القوقاز؟


المقالة الثالثة:

أحفاد الفراعنة وشعوب الأمازيغ يفوقون العرب عدداً في شمال أفريقيا:

تحدثت في مقالتي السابقتين عن مورثة العرب (جيه – وان) ومورثة حضارات الهلال الخصيب (جيه – تو). وسأتحدث اليوم عن المورثة الأفريقية (إي) التي تنتشر بشكل فائق في الدول العربية الأفريقية والتي وجدت أثارها في مومياوات بعض الملوك الفراعنة كالفرعون رمسيس الثالث وابنه.

يعتقد أن منشأ هذه المورثة هو القرن الأفريقي قبل أكثر من خمس وعشرين ألف سنة. وهاجر انسان هذه المورثة باتجاه الشمال الأفريقي خلال العصور الحجرية، أي قبل أكثر من خمسة عشر ألاف سنة. واستوطن في مناطق الساحل الأفريقي المطلة على البحر المتوسط، ومنها هاجر إلى أوروبا والشرق الأوسط.

يشكل حاملو هذه المورثة النسبة العظمى في بلاد المغرب العربي والقرن الأفريقي ويكادون يشكلون نصف سكان مصر الحالية، بينما لا يمثل العرب في هذه البلاد أكثر من خمس عدد السكان.  وتوجد أعلى نسبة لحاملي هذه المورثة في دولة المغرب العربي حيث تبلغ 83%

وهذه هي النسب في أفريقيا العربية:

  1. المغرب 83%
  2. الصومال 80%
  3. تونس 72%
  4. الجزائر 59%
  5. مصر 46%

وفي مناطق آسيا العربية، توجد أعلى نسبة لهذه المورثة في الأردن حيث تبلغ 26%. كما أن عدد حاملي هذه المورثة عالية نسبياً في كل بلاد الشام ويعتقد أن العلاقات التي كانت سائدة بين الحضارات البحرية (الفينيقيين من جهة والقرطاجيين من جهة أخرى)، إلى جانب الغزوات المستمرة من قبل المصريين القدماء (الفراعنة) والجدد (ما بعد الإسلام) على بلاد الشام، قد لعبت دوراً هاماً في ارتفاع هذه النسب. لذلك نجد أن حاملي هذه المورثة في الأردن وفلسطين يحتلون المرتبة الثانية، من ناحية العدد، بعد حاملي المورثة العربية، بينما يأتي حاملو مورثة حضارات الهلال الخصيب في المرتبة الثالثة.

هذه هي النسب في بلاد الشام:

  1. الأردن 26%
  2. فلسطين 20%
  3. لبنان 17%
  4. سوريا 12%

عدد حاملي هذه المورثة في دول شبه الجزيرة العربية ضئيل نسبياً لقلة هجرة الأفارقة جنوباً وشرقاً حين يبلغون بلاد الشام بعد عبور صحراء سيناء. لكن كان هناك بعض الهجرات عبر البحر الأحمر إلى اليمن وجنوب شبه الجزيرة العربية. وتبلغ النسب هناك على الشكل التالي:

  1. اليمن 13%
  2. الإمارات 12%
  3. العراق 10% (جنوب العراق 7%، شمال العراق 12%)
  4. السعودية 8%

المقالة الرابعة:

أسلاف الأوروبيين الغربيين مروا من بلادنا:

تحدثت سابقاً عن المورثات الثلاثة المسيطرة في الدول العربية وهي المورثة العربية (جيه – وان) ومورثة حضارات الهلال الخصيب (جيه – تو) ومورثة الفراعنة وشعوب الأمازيغ (إي). واليوم سأتحدث عن المورثة الرابعة من حيث الانتشار في العالم العربي وهي المورثة الأوروبية (آر).

نشأ انسان هذه المورثة في شمال آسيا. ووُجدت أقدم مستحاثة له في سيبيريا وهي لطفل يعتقد أنه عاش قبل 24 ألف سنة. وكان قد اشتهر أسلاف هذا الانسان بصيد حيوان الماموث الذي انقرض فيما بعد. ونشأ عن هذا الانسان فرعين أساسيين من المورثات وهما المورثة الأوروبية الشرقية (آر – وان – ايه) والمورثة الأوربية الغربية (آر – وان – بي).

وبين هاتين المورثتين، تعتبر المورثة الأوروبية الغربية الأكثر انتشاراً في العالم العربي ويعود ذلك إلى أن حاملي هذه المورثة قد هاجروا من شمال آسيا إلى جبال القوقاز ومن ثم إلى جبال الأناضول ومنها إلى بلاد الشام ومصر وشمال أفريقيا قبل أكثر من عشرة آلاف سنة. وهم، إلى جانب حاملي مورثة حضارات الهلال الخصيب، كانوا أول من ربى الماشية.

ومن شمال أفريقيا، عبروا مضيق جبل طارق إلى اسبانيا ومن بعدها إلى فرنسا والجزر البريطانية واستقروا في غرب أوروبا حيث يشكلون اليوم النسبة العظمى لسكان تلك البلاد، وتصل إلى أعلى من 80% في ايرلندا واسكتلندا وغرب فرنسا واسبانيا.

أما في البلاد العربية فأعلى نسبة لهم موجودة في بلاد الشام والعراق وشمال أفريقيا. وتبلغ هذه النسب حسب التالي:

  1. الأردن 18%
  2. سوريا 14%
  3. العراق 10%
  4. الجزائر 10%
  5. فلسطين 9%
  6. لبنان 8% 
  7. مصر 6%
  8. المغرب 5%

أما في باقي الدول العربية فانتشار هذه المورثة ضئيل جداً حتى أنه تكاد تختفي تماماً في جنوب شبه الجزيرة العربية. والنسب هناك هي كالآتي:

  1. الإمارات 4%
  2. جنوب العراق 3%
  3. السعودية 2%
  4. تونس 2%
  5. عُمان 2%
  6. قطر 1%
  7. الكويت 1%
  8. اليمن 0%
  9. البدو 0%

أما المورثة الأوروبية الشرقية فتكاد تختفي في معظم الدول العربية وخاصة الأفريقية، لأن انسانها لم يهاجر إلى بلاد الشام وشمال أفريقيا في قديم الزمن، فقد كانت هجرته الأساسية من السهول الآسيوية الأوروبية إلى شرق أوروبا حيث تبلغ أعلى نسبة له في دول أوروبا الشرقية مثل بولندا وأوكرانيا والقسم الأوروبي من روسيا وروسيا البيضاء وتتجاوز ال 50%.

كما أن حاملي هذه المورثة قد هاجروا باتجاه آسيا الوسطى والجنوبية ويشكلون نسبة هامة من الشعوب التي تعيش في الدول الإسلامية الواقعة في وسط آسيا. أما في الشرق الأوسط، فأعلى نسبة لهم هي في إيران وتبلغ 16%. ولهذا السبب نجد بعض حاملي هذه المورثات في بعض الدول العربية الآسيوية المتاخمة لإيران.

أعلى نسبة لهذه المورثة في العالم العربي موجودة في سوريا. وإليكم هذه النسب:

  1. سوريا 10%
  2. البدو 9.5%
  3. عُمان 9%
  4. الإمارات 8%
  5. قطر 7%
  6. العراق 6%
  7. السعودية 5%

وتكاد تختفي هذه المورثة في باقي الدول العربية وخاصة الشمال الأفريقي وبلاد الشام الساحلية:

  1. لبنان 3%
  2. مصر 3%
  3. اليمن 2%
  4. الأردن 1.5%
  5. فلسطين 1.5%
  6. الجزائر 1%
  7. تونس 1%
  8. المغرب 0%

مصادر هذه المعلومات هي دراسات موضوعة على الانترنت. ومعظم هذه الدراسات قامت على عينات صغيرة من الشعوب. ويجب الأخذ بالاعتبار بأن هذه المعلومات غير ثابتة وقد تتغير مع الزمن إذا ما تمت دراسات حديثة على عينات أكبر. هذا العلم في تطور دائم.

إليكم مصادر معلومات هذه المقالات:

1- https://www.eupedia.com/europe/european_y-dna_haplogroups.shtml

2- https://en.wikipedia.org/wiki/Y-DNA_haplogroups_in_populations_of_the_Near_East

3- https://www.eupedia.com/europe/Haplogroup_J1_Y-DNA.shtml?fbclid=IwAR2uTo–FEcqcHYYCuOQiMzRWcNOsLkFeSUSr82KNtNZk7TEbGJTqb6V8tA

4- https://www.eupedia.com/europe/Haplogroup_J2_Y-DNA.shtml?fbclid=IwAR0FBSrhCGGf5bF5kxWx9EBdPHoAH-a2lctgJy_Lts501PeosPPWWLNNt1s

5- https://en.wikipedia.org/wiki/Haplogroup_J-M172?fbclid=IwAR3hwP9wU_NOun7wXMF0pPhFwH6n734C0FEqiqhoztGLFAhC4NKNGXPCwUo

6- https://en.wikipedia.org/wiki/Haplogroup_J-M267?fbclid=IwAR2OMGB1O82ZnN7C9I06SD8lWq10hBluYa46Pk6v3o2VXIL25M2sA8BnuNo

7- https://www.eupedia.com/europe/Haplogroup_E1b1b_Y-DNA.shtml?fbclid=IwAR2uTo–FEcqcHYYCuOQiMzRWcNOsLkFeSUSr82KNtNZk7TEbGJTqb6V8tA

8- https://www.eupedia.com/europe/Haplogroup_R1a_Y-DNA.shtml?fbclid=IwAR2qtme5svWFJVDQumW0H9n8MxK3dwh5UIBvFJAg7OC2iiXBY2VXFk3ezUU

9- https://www.eupedia.com/europe/Haplogroup_R1b_Y-DNA.shtml?fbclid=IwAR3hwP9wU_NOun7wXMF0pPhFwH6n734C0FEqiqhoztGLFAhC4NKNGXPCwUo